السبت، 18 أبريل 2020

نصائح إلى ممارس الطب النفسي المبتدئ من طبيب مُحنك


مقال للدكتور آلان فرانسيس
من دورية
 Psychiatric Times
عدد 4 أكتوبر، 2019


الدكتور آلان فرانسيس أستاذ فخري ورئيس سابق في قسم الطب النفسي، جامعة دوك؛ ورئيس فرقة العمل في إعداد الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية-الرابع.
مؤلفاته: Saving Normal وEssentials of Psychiatric Diagnosis
حسابه على تويتر:  @AllenFrancesMD.

جذبتني مؤخّرًا التغريدة التالية: "سؤال مفتوح عن الصحة النفسية من طبيب نفسي تحت التمرين. في رأيك، ما الذي يجب عليّ تعلّمه والتركيز عليه لأحسّن من نفسي كطبيب ومناصر لما فيه صالح مرضاي؟"

أعتقد أن هذا أفضل سؤال يسأله أي شخص في بدايات حياته في أي مجال كان. وأن عليه أن يوجّه السؤال لنفسه وللآخرين وهو يخطو خطواته الأولى في الوظيفة التي اختارها. ولكن العدد المحدود من الأحرف التي يحددها تويتر اضطرني للإجابة على السائل بخمس نصائح موجزة جدا. وقد أرّقني ذلك، لأنني شعرت بأن سؤاله الجديّ بحاجة لإجابة جدية وها هي:


أضع هنا خمسين درسًا تعلمتهم خلال خمسين عامًا

قضيتها في دراسة الطب النفسي:


1. خير من ستتعلم منهم في حياتك هم مرضاك.

2. بالنسبة للمريض لا تعتبر أي مقابلة مع أي طبيب أمرًا "روتينيًا"، فلا تُعامل أي مقابلة لك مع مريض وكأنها أمرًا "روتينيًا".

3. في الجلسة الأولى، ركز على بناء علاقة قوية مع المريض مبنية على الثقة والتفاهم بهدف العلاج - فإن الهدف الأسمى من الجلسة الأولى مع أي مريض هو أن يعود المريض للجلسة الثانية.

4. مساعدة من يعاني من الأمراض النفسية الخطيرة أصعب بكثير من علاج المرض البسيط أو القلق، إلا أنه يشعرك بدرجة أعلى من الرضى بالإنجاز.

5. تفهّم وقدّر أن مريضك يحاول كل ما بوسعه للتحسّن، ومع ذلك اجعل الأهداف المتوقع إنجازها واضحة. وسيجد المريض الطريق لإحداث تغييرات للأفضل في نفسه وعالمه.

6. احرص دومًا على أن تعطي مريضك أملًا واقعيًّا، وأن تصحّح الأفكار المثبّطة غير الواقعية لديه.

7. تابع مريضك، وليس انطباعاتك الاستباقية عنه أو مشرفك أو دليل الممارسة.

8. لا يوجد مرضى سيّئين أو مُملين، لكن يوجد بعض الأطباء السيئين والمملين.

9. كن متيقّظًا وقدّم أفضل ما لديك من تشاعر واهتمام ورعاية إلى مريضك العاشر في العيادة كما فعلت مع المريض الأول.

10- دائمًا ضع في الحسبان الصعوبات الواقعية التي يواجهها المريض في حياته وحاول أن تساعده في إيجاد حلول عملية لها.

11. لا تتردد عن تقديم النصح في المواقف التي تتطلب ذلك.

12. لا تقدّم النصح لمريضك إن كان قادرًا على إيجاد الطريق بنفسه.

13. أشرك في عملية العلاج أهل المريض وأصدقاءه بالإضافة لمن يمكنه إضافة معلومات مفيدة ومعالجين مشاركين، كلما كان ذلك ممكنًا.

14. اجعل أسئلتك للمريض مفتوحة لكي تعطيه حرية إخبارك قصصًا من حياته، لكن في نفس الوقت صُغ السؤال بطريقة تساعده على معرفة المعلومات التي تبحث عنها.

15. حاول أن تخلق لحظات مُدهشة - عبارات حكيمة تقولها فيتذكرها المريض دائما ويستخدمها في تغيير حياته.

16. تريّث وكن حذرًا في اتخاذ الخطوات، فقد ينتج عن الأخطاء الصغيرة عواقب كبيرة.

17. اعرف المريض وليس فقط التشخيص.

18. ضع دائما نصب عينيك أن التشخيص قد يكون بحاجة لمراجعة (إما أن يكون خاطئا بالأساس أو يطرأ عليه تغيير)، خاصة مع المرضى الصغار وكبار السن. وعند الاختيار بين تشخيصين، الأسلم دائمًا هو اختيار التشخيص الأقل شدّة. بإمكانك في أي وقت تغيير التشخيص لدرجة أعلى شدّة، لكن من المستحيل أن تمحو خطأ تشخيصيّ ارتكبته انطبع في نفس المريض للأبد.

19. استخدم دليل DSM لكن لا تعبده. أجد أنني لا أثق في الطبيب غير الملم بدليل DSM والطبيب الذي لا يتبع غير الدليل على حد سواء.

20. ثقّف المريض حول مرضه من أعراضه وتشخيصه وطبيعة سير ه بالإضافة لفوائد ومخاطر العلاجات المناسبة لحالته.

21. اتفق مع المريض على خطة العلاج ولا تفرضها عليه: اسمح له بالاختيار من بين العلاجات الممكنة في حالته ما يجده مناسبًا - مع التأكيد عليه بأن خطة العلاج لا تناسب جميع المرضى بل يتم تعديلها لحالة كل مريض على حدة.

22. لا تزل قدمك فتشخّص مرض معيّن مجرد لأنه دارج أو "موضة". فعندما يكثر تشخيص مرض ما فهو دليل على أن التشخيص لا يتم بجدية (مثل اضطراب فرط الحركة وضعف الانتباه والتوحّد واضطراب ثنائي القطب).

23. أفضل علاج عند وجود شك في التشخيص أو عندما تكون الأعراض بسيطة هو الانتظار والمراقبة.

24. البلاسيبو (الدواء الرمزي) هو أفضل الأدوية التي اكتُشفت، وهو مسؤول عن غالبية ما يُعرف بـ "تأثير الدواء" عندما تتحسّن الأعراض البسيطة.

25. المرض الشديد يكون دائمًا سهل التشخيص بموثوقية ودائمًا بحاجة لتدخل طارئ.

26. تأكد من استبعاد كل ما يمكنه أن يكون سبب أعراض المريض مثل الأدوية والكحول والمخدرات أو المرض العضوي.

27. لا تكن "بائع أدوية" متهاون، ومع ذلك اعرف القيمة العظيمة التي تُضيفها الأدوية للعلاج عندما تُستخدم بحكمة وبأسباب صحيحة.

28.  مثلما تعرف فوائد الأدوية، اعرف مخاطرها.

29. ثقّف مرضاك عن أدويتهم، عن أعراضها الجانبية ومضاعفاتها وأعراض الانسحاب الممكنة.

30. كن يقظًا دائمًا وحاول تجنب التفاعلات بين الأدوية، بما في ذلك الأدوية غير النفسية التي قد تكون ضمن أدوية المريض.

31. عند وصف أي دواء، ابدأ بجرعات صغيرة وزدها ببطء، خاصة مع المرضى الصغار وكبار السن.

32. الأمر الذي يحتاج لمهارة أعلى من مهارة وصف الأدوية للمريض هو إيقافها - تعلّم جيدا كيف تنُقص عدد الأدوية التي يتناولها المريض لتجنب أضرار كثرة الأدوية.

33. تجنّب وصف أدوية كثيرة لمريضك فوق ما تقتضيه حالته حتى لو كانت ممارسة شاعة.

34. اتقن واستخدم العلاجات عالية الفعالية الثلاثة التالية: الليثيوم Lithium والكلوزبين Clozapine والعلاج بالصدمات الكهربائية ECT، والتي يلجأ الأطباء إليها أقل بكثير مما يجب بسبب صعوبة استخدامها نسبيا.

35. لا تقابل ممثلي شركات الأدوية أبدًا؛ وتجاهل كل ما يتعلق بتسويق شركات الأدوية؛ لا تصدق أي دراسة مموّلة من شركات الأدوية؛ وثقّف مرضاك على أن يتحلّوا بالحكمة ولا يصدقوا كل ما يذكر في إعلانات الأدوية الموجهة إليهم، والتي تستغل الأمراض في بيع المنتجات.

36. اقرأ الدراسات العلمية بعين ناقدة مُشكّكة، وكن واعيا للأمور التالية: معظم الدراسات لا يتم تكرارها، والنتائج الإيجابية دائما تُضخّم، والنتائج السلبية عادة تُخفى. لا تنبهر بالدراسات الجينية - فهي حتى الآن لم تتمكن من الوصول للأسباب، ولا تفيدك معرفتها في وضع خطة العلاج.

37. عدم اليقين في أمر ما خير بكثير من يقين خاطئ. تقبّل الأمور التي لا يمكن تجنبها؛ لا تتسرّع في الحكم على الأمور؛ وساعد مريضك في التعامل مع القلق الذي ينتج.

38. تعلّم المتغيرات الإحصائية، خاصة تلك التي تدخل في اتخاذ القرارات الطبية. وفكّر بأسلوب يشمل الاحتمالات لا بأسلوب محدود في إجابتين (نعم أو لا).

39. لا تهمل حياتك الخاصة، بل املأها ونوّعها بما يرضيك.

40. خُضّ تجربة العلاج النفسي، فبإمكانها مساعدتك في التعرف على نفسك أكثر وحل المشكلات التي تواجهها، وفي تصحيح المفاهيم الانحيازية المرتبطة بشخصيتك وتجاربك. كما أنها تضعك في مكان المريض وتعرّفك بتجربة العلاج النفسي من منظور مرضاك.

41. تعلّم من مشرفك لكن لا تنصاع له انصياع العبد للسيد.

42. اقرأ في مجالات متنوعة، وبالأخص الروايات الكلاسيكية. وشاهد الأفلام والمسرحيات التي تحتوي على مفاهيم سيكولوجية.

43. اقرأ التاريخ وحاول أن تستنتج الأنماط المتكررة.

44. سافر وزُر بلاد العالم حتى تتفهّم التنوع الكبير في تجارب الحياة بين الشعوب المختلفة.

45. لا تفرض على مرضاك مفاهيمك المرتبطة بثقافتك أو دينك أو قيمك الشخصية.

46. لكل سؤال معقّد إجابة اختزالية مبسّطة - لكنها خاطئة. لا تتوقع إجابات بسيطة على الأسئلة المعقدة ولا تصدقها، مثل "ما أسباب الأمراض النفسية وما هي أفضل طريقة لعلاجها؟".

47. وبدلًا من ذلك، اتبع نهجًا يشمل أربعة محاور (بيولوجي/نفسي/اجتماعي/روحاني) في فهمك للاضطرابات النفسية واختيار العلاجات لها.

48. علينا أن نناصر مرضانا وندافع عن حقوقهم بصوت مسموع. وأن نعمل كل ما بوسعنا على تصحيح الإهمال المؤسف الذي يواجهه المرضى ذوي اضطرابات نفسية متقدمة أودعت 600 ألف منهم داخل السجون أو على أرصفة الشوارع.

49. في أثناء استمتاعك بالعمل المشرّف في مساعدة الآخرين على تحسين أنفسهم، كن كما أنت - واستمر في تطوير ذاتك لكي تصبح نسخة أفضل من ذي قبل.

50. أوّلًا، لا تتسبب بالأذى!


إقرار:
تُرجم المقال بموافقة كريمة من الدكتور آلان فرانسيس الذي رحب بالفكرة وقال أنه يسعد بوصول نصائحه للأطباء في العالم العربي الذي زار منه عدة دول.
أتقدم للدكتور فرانسيس بالشكر الجزيل لكرمه في مشاركة خبراته القيمة.

يمكنك قراءة المقال الأصل هنا 

Advice to Young Psychiatrists From a Very Old One


Acknowledgment:
I would like to extend my gratitude to Dr Allen Frances for granting me permission to translate and post these pearls of wisdom from his invaluable experience. 




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق