الخميس، 10 سبتمبر 2015

العلاج بالكتابة


تتعدد مدارس العلاج النفسي، الا أن معظمها تعتمد على الحوار (الكلام). وبما أن في الناس من يفضل "الفضفضة" في كل الأحوال والمواقف ويرون ذلك مهما جدا للراحة النفسية، فهناك من يعارض أسلوبهم ويعتبره عديم الفائدة وأنه يؤدي الى الشعور بالشفقة للذات، هؤلاء يفضلون عدم التفكير، والانشغال بما يفيد. والنوع الأول يعتبر أن هؤلاء منغلقين وبعيدين عن مشاعرهم.

عند مراجعة الأبحاث لا نجد حسما لأيهما أفضل، الكلام أو السكوت، هنا لكل مقام مقال، يعتمد على الشخص والمعالج والأحوال والمشكلة. الزمن قد علمنا أن الكتابة نوع من العلاج أيضا، فكم من شاعر باح في قصائده عن حنينه وحبه وآلامه وأحزانه بمنتهى الجمال.  وقد بدأ المعالجون النفسيون في العقود الماضية يحثوا مرضاهم على الكتابة كعلاج.

لو نظرت الى عملية الكتابة تجد انك عندما تجلس لكتابة قصة فأنت تفكر أولا بتفاصيلها و على الأقل تتخيل الأحداث الرئيسية قبل الشروع في التدوين. وعندما تطبق ذلك في سرد أحداث حقيقية في حياتك، ستجد أنك أثناء التفكير في تفاصيل ما حدث فإن دقائق لم تركز عليها قبلا تبيت واضحة لك، قد يكون ثمّ سوء فهم حدث ويُحل بالتمعن في التفكيرفيها. وقد تتبين لك وجهات نظر الآخرين في القصة. هكذا تفي الكتابة غرضها كوسيلة للرجوع الى الوراء ومراجعة الأمور بروية حتى تفهمها وتنفعل معها كما تحتاج أن تنفعل، ثم يأتي يوم تتقبلها فيه وتستطيع أن تُعفر الأوراق لترميها معلنا خلاصك من تلك المشكلة.

من الأساليب العلاجية أيضا كتابة رسالة الى شخص تحتاج أن تخبره بمشاعرك (لتتخلص منها)، قد يكون انسانا أذاك واختفى من حياتك أو أب متوفى أو حبيب آلمك ولا يمكنك البوح له بما يدور في خلدك.
الكتابة أيضا تساعدنا في عملية تقبل ما لا يمكننا نسيانه أو تغييره، كفقدان حبيب أو حادثة بشعة، أو حتى عمل مشين قمنا به وندمنا عليه.

سيدة مرت في تغيّر كبير في حياتها بعد عملية جراحية كادت أن تلقى فيها حتفها. وجدت نفسها تكتب تجربتها بكل التفاصيل، بالأيام والساعات. وتقول السيدة أنها لم تعرف لماذا كانت تكتب، فلم تكن من أصحاب المذكرات قبل ذلك. ولم تفهم أيضا لماذا كانت تفتح المذكرة كل يوم وتقرأ التفاصيل من البداية الى النهاية وكأنها قصة. مرت شهور وهي تعود لقراءة كل صفحة، كلمة كلمة وتستغرب لأنها تنفعل مع الأحداث وكأنها جديدة. بعد سنوات وبعد الاستعانة  بأخصائية نفسية، اكتشفت أنها كانت تعود للقراءة لأنها ما زالت غير مصدقة لما حدث ولم تتقبله بعد. وبعد عدة أعوام أخرى أتى اليوم الذي تيقنت فيه بأنها تقبلت الموضوع،  فتُخرج المذكرة وتنظر اليها مودعة وترميها، ولسان حالها يقول: لقد انتهيت منك، لم تعد تؤذيني. 

العجيب في قصتها أنها عرفت حاجتها للكتابة دون أن تفهم السبب وراء ذلك الا بعد سنوات. لو نأخذ منها عبرة واحدة فهي أن نستمع الى ما يمليه علينا العقل والقلب في المواضيع التي تخصنا والتي تؤثر على حياتنا.

مستوحاة من المقالة التالية:
Writing as Therapy


Disclaimer: This article is not a translation, but is based on Dr. Furnham's article


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق