الثلاثاء، 19 مارس 2019

لماذا نرى الأشياء ساكنة إذا كانت ذراتها تتحرك

وصف جميل للنظرية الذرية للفيلسوف الروماني لوكريتيوس (99-55 ق م)
وقد وصل إلينا من خلال قصيدته بعنوان "طبيعة الأشياء".

 رأى لوكريتيوس أن الذرات التي تكوّن الأشياء من حولنا في حركة دائمة وإنما حركتها خفية عن الأنظار. وفي رده على من اعترض بأنها لو كانت لا ترى فلا يمكن أن تكون موجودة شرح قائلا: لا يشك أحد منا في وجود الهواء والبرد والحرارة والروائح رغم أن ما من أحد رأى الهواء أو الحرارة أو البرد أو الروائح. تصبح الملابس رطبة إذا كانت قريبة من البحر، وتجف إذا علقت في الشمس، ولم يشاهد أحدا الماء وهو يدخل إلى الملابس أو يخرج منها.
اعترض آخر قائلا: تزعم أن الذرات دائمة الحركة، لكن الأشياء عندما ننظر إليها تكون ساكنة، فبادر لوكريتيوس بوصف نظريته قائلا: أصل الأشياء أو مكوناتها لا تطولها حواسنا، ولأنها غير مرئية لنا فإن حركتها كذلك خفية عن أنظارنا. ولمثل هذا السبب تظهر لنا قطعان الماعز وهي ترعى على الهضاب، أو تتحرك في المزارع، وتلعب وتتناطح بعد شبع، كلها تظهر لنا من مكان بعيد ممزوجة ببعضها وكأنها بقعة بيضاء على هضبة خضراء. كذلك حينما تملأ الجيوش العظيمة في زحفها أرضا مستوية، منددة بالحرب، وينعكس الضوء من على الدروع إلى السماء لتلمع الأرض من حولها بصفرة النحاس، وترتفع أصوات ضرب أرجل الرجال على الأرض، والجبال ترمي الصرخات الآتية إليها مدوية إلى السماء، وتعدو الخيل في كل اتجاه لتتوقف فجأة وسط الأراضي وكأنها تزلزلها من شدة الهجوم. لو نظرنا نحو كل ذلك من فوق الهضاب العالية لظهرت لنا وكأنها ساكنة، مجرد بقعة لامعة على أرض مستوية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق